جهود التنويع الاقتصادي في قطر تعتمد بشكل أساسي على التطوير العقاري المدعوم بشدة من الدولة إلا أنه ليس واضحاً ما سيبقى منه عند مغادرة عشاق الرياضة وتفكيك الملاعب التي تشيد لمباريات كأس العالم 2022 .
فيروس كورونا قد يكون أثر قليلاً في طموح قطر إلا أنه سلط الضوء على حياة العمالة الوافدة وهذا يمثل تهديدا كبيراً لبلد كقطر يعتمد بشدة على العمال الأجانب لشغل المعروض المتنامي باستمرار من الشقق والمكاتب ومراكز التسوق .
قال باول باناخ مدير فرع قطر بشركة ValuStrat للاستشارات العقارية إن فيروس كورونا أدى إلى تأجيل ما كان من المفترض حدوثه بعد سنوات من انخفاض أسعار العقارات ، وأضاف " إذا تمكنا من الخروج من الأزمة بسرعة فربما يكون الوضع أفضل عام 2022 .. السكان هم المشكلة .. التحدي الرئيسي يتمثل في جذب المزيد من السكان إلى قطر ".
عدد المواطنين والمقيمين في قطر إنخفض بنحو 78 ألف شخص بين نهاية مارس وأكتوبر ومع أن هذا الانخفاض لا يمثل إلا نسبة 2.8% إلا أن القواعد الصارمة لا تزال تعيق السفر .
12% فقط من سكان قطر البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة و 5% من القوى العاملة من السكان المحليين ويكاد يكون الحصول على الجنسية مستحيلاً ، ويعيش حوالي 60% من سكان قطر في مرافق لذوي الدخل المنخفض ومعظمهم من العمال المهاجرين بحسب آخر تعداد سكاني لعام 2015 .
لافتات عرض العقارات منتشرة في كل مكان والأبراج الشاهقة فارغة حتى في الأحياء المرغوبة ومع ذلك تزداد أعمال البناء ، وقدرت ValuStrat أن الفائض من العقارات السكنية يبلغ 80 ألف وحدة في النصف الأول من العام الجارى مع توقع إضافة 7250 عقاراً جديداً في السوق بحلول نهاية العام .
مدينة لوسيل الجديدة تفاقم هذا الوضع المتأزم فى قطر وعند اكتمالها يفترض أن تؤوي أكثر من 200 ألف شخص منتشرين بين الشقق والمنازل والفيلات الفاخرة ومع ذلك لم يبد الأجانب اهتماماً كبيرا بهذا المشروع .
تزايد العقارات الجديدة كان يمثل مصدر قلق للحكومة حتى قبل انتشار فيروس كورونا حيث أشارت توقعات ما قبل الجائحة الى تراجع نسبة الإشغال السكني إلى 80٪ بحلول 2021 عما كانت عليه بنسبة 94% عام 2015 ، فضلا عن تراجع إيجارات المكاتب .
ومع ظهور أزمة السيولة فى البلاد سعت الحكومة إلى خفض الإنفاق وبطرق قد تجبر المزيد من المغتربين على المغادرة ، وحضت وزارة المال القطرية الوزارات والكيانات المملوكة للحكومة على خفض أجور الأجانب بنسبة 30% رغم أنها سمحت لهم بالاختيار بين خفض الرواتب أو تسريح موظفين .
التوجه لدعم الصناعات الأخرى بعيدا عن الطاقة والعقارات يسير ببطء ، فقد اجتذب مركز قطر المالي في الدوحة بعض الاهتمام وأعلنت مجموعة UBS Group AG عن خطط هذا الشهر لإدارة الثروات ولكن الحجم الإجمالي لقطاع الخدمات المالية لا يزال أقل من نصف حجم دولة الإمارات العربية المتحدة .
وقال علي الكواري وزير التجارة والصناعة إن قطر تتجه نحو اقتصاد قائم على المعرفة ، متوقعاً أن يؤدي التنويع الاقتصادي إلى جذب الأجانب الموهوبين " الذين يريدون المجيء إلى هنا والبقاء والاستثمار وشراء العقارات وشراء السيارات ... حتى لو بقوا عاطلين عن العمل لمدة شهر أو شهرين لأي سبب من الأسباب ".
وتقود والدة أمير قطر وشقيقته جهوداً لبناء مركز تعليمي وأبحاث وتكنولوجيا ولكنه لن يتحقق إلا من خلال جذب مزيد من الاستثمار الخاص .
تعليق