السبت، 21 يونيو 2025

نادية

فنان سعودي يطوّع الماء لخدمة الفن

نادية بتاريخ عدد التعليقات : 0

 

علاقتي بالماء تتجاوز كونه مجرد أداة
تجربة فنية مميزة 

فنان سعودي يطوّع الماء لخدمة الفن


قدّم الفنان السعودي فريد الرشيدي تجربة فنية مميزة، تتجذّر في اللحظة، وتزدهر في الزوال. فهو لا يرسم بالألوان ولا يعتمد الفرشاة، بل اختار أن يجعل من الماء أداة للتعبير، ومن التبخر ميدانًا لخلق مشاهد تختفي فور ولادتها، لكنها تترك أثرًا وجدانيًا عميقًا في ذاكرة المتلقّي.


وفي حديثه، يكشف عن تفاصيل تجربته الفنية التي تعتمد على الرسم بالماء، واصفًا إياها بأنها فن نادر وغير تقليدي، يستمد جماله من بساطته، وعمقه من زواله.


أدوات بسيطة

وحول الأدوات المستخدمة، يوضح أنها بسيطة جداً وغير مكلفة، وتقتصر على فوطة صغيرة، وماء، وسطح غامق مثل لوحة سوداء أو رخام، مضيفا أن التقنية تعتمد على التحكم بدرجة رطوبة الفوطة وسرعة الحركة، لأن كل لمسة تخلق شكلًا مؤقتًا يتبخر خلال ثوانٍ".


ويؤكد أن هذا الفن لا يخضع لمدارس تقليدية بل هو ميدان يتسع لاجتهاد الفنانين وتجاربهم الذاتية. ويزيد في شرحه: "لا توجد مدارس تقليدية لهذا الفن، لكن يمكن القول إن كل فنان يطوّر أسلوبه بنفسه، لأن كل حركة وكل قطرة تعني شيئًا".

الماء كرمز حي للحياة والتغيير

ويتابع الرشيدي: "علاقتي بالماء تتجاوز كونه مجرد أداة. أشوفه ككائن حي تقريبًا. الماء يحمل رمزية كبيرة: الحياة، التغيير، الزوال، النقاء. لما أرسم في أحس كأني أشارك في حوار لحظي معه. فيه بُعد عاطفي واضح، لأن العمل لا يدوم، وكل لوحة تُولد وتموت في اللحظة نفسها، وهذا يجعل التجربة أكثر إنسانية وعمقًا".


الزمن.. التحدي الأكبر

ويرى أن أكبر التحديات التي يواجهها في هذا الفن هو عامل الزمن، إذ تبدأ اللوحة بالتبخر منذ اللحظة الأولى، ولا تتيح مجالًا للتراجع أو التصحيح، مشيرًا إلى أن "هذا الشيء يتطلب تركيزًا ذهنيًا عاليًا جدًا، وأراه نوعًا من التأمل أو التمرين الذهني". ويضيف: "تعاملي مع التحديات يكون بالتمرين المستمر، وبالقبول. بمعنى أن كل لوحة مصيرها الزوال، وهذا جزء من جمالها".


دهشة الجمهور الأجنبي

وعن تفاعل الجمهور، يجد أن الجمهور الأجنبي غالبًا يُبهر بفكرة الرسم بالماء، لأنه لم ير شيئًا مثله. يرونه شيئًا بين الأداء والفن البصري. نعم، هناك اختلاف في التذوق. فبعض الثقافات تركز على الديمومة والحرفية، بينما البعض يقدّر اللحظة والفكرة. لكن في كل الأحوال، كنت ألاحظ انبهارًا حتى من نقاد وفنانين.


فن مؤقت.. لكنه محمل برسائل باقية

وعلى الرغم من الطبيعة المؤقتة لهذا الفن، إلا أنه يؤمن بقوته التعبيرية والرمزية، ويقول: "سبق وقدّمت أعمالا تتكلم عن فناء الوقت، عن الهُوية، عن أثر الإنسان على البيئة. مثلًا، رسمت وجوهًا تختفي تدريجيًا، كأنها توثق نسيان الهويات أو الذكريات. الرسالة تكون في زوال العمل نفسه".


بداية التجربة

وحول بداياته مع الفن، يؤكد أنها كانت مثل كثير من الفنانين، من الطفولة. ويضيف "كنت دائمًا أحب أرسم وأعبّر عن أفكاري بالخطوط والألوان، لكن اللي شدني للرسم بالماء كان لحظة تأمل عفوية. كنت أستخدم منشفة مبللة ونقّطت على سطح غامق، وشفت كيف الماء يرسم خطوطًا مؤقتة، تختفي لكن تترك أثرًا بصريًا. من هناك بدأ الفضول، وتحولت التجربة إلى أسلوب فني".


الشارع والظل والمشاعر

ويؤكد أنه يستلهم أعماله من مشاهد الحياة اليومية. ويمضي في شرحه: "أستلهم من أشياء كثيرة. مشهد في الشارع، كلمة، ظل، أو حتى شعور لحظي. البيئة المدينية أثرت عليّ كثيرًا، خصوصًا من ناحية التكوينات الهندسية والضوء والظل. يمكن هذا واضح في بعض أعمالي اللي تكون أقرب للهندسية أو التجريد".


الحضور السعودي عالميًا

وعن الحضور السعودي في المعارض الدولية، يؤكد أنه في تصاعد واضح، وأن هناك اهتماما عالميا بالفنانين السعوديين. لكن بالنسبة للدعم، لا يزال هناك حاجة إلى مساحات أكثر للتجربة والدعم المستمر، خصوصًا لأولئك الذين يعملون خارج الصندوق، الدعم موجود، لكن الطموح أن يكون أعمق وأكثر استدامة.


نقل التجربة للجيل الجديد

ويضيف: "قدّمت ورشًا بسيطة وبعض العروض الحيّة، وحريص دائمًا على أن الجيل الجديد يجرّب ويخترع طريقه. نقل الخبرة مهم جدًا، ليس فقط كمهارة بل كفكر. أؤمن أن كل جيل يجب أن يطوّر الفنون بطريقته، والفن إذا توقف عن التطور، يموت".


رؤية مستقبلية

وفي ختام حديثه، يبدي تطلعاته المستقبلية، ويعتبر أن طموحه أوسع من الرسم بالماء فقط. فهو يفكر في دمجه مع تقنيات رقمية، أو حتى توثيقه عبر فيديوهات تفاعلية، مشيرا إلى أنه قد يكون هناك تعاون مع صوت، أو استخدام الواقع المعزز. فالفكرة أنه يوسع حدود هذا الفن، دون أن يفقد جوهره، على قاعدة "اللحظة، والماء، والزوال".

فنان سعودي يطوّع الماء لخدمة الفن
تقييمات المشاركة : فنان سعودي يطوّع الماء لخدمة الفن 9 على 10 مرتكز على 10 ratings. 9 تقييمات القراء.

مواضيع قد تهمك

تعليق