من السواحل إلى الاقتصاد.. السعودية تراهن على البحار لبناء تنمية مستدامة
تتحرك السعودية بخطى متسارعة نحو الاستثمار في الاقتصاد الأزرق، ضمن استراتيجية وطنية لتنويع مصادر الدخل وحماية ثرواتها البحرية الممتدة على أكثر من 2,640 كيلومترًا من السواحل على الخليج العربي والبحر الأحمر، إضافة إلى أكثر من 300 جزيرة.
وتراهن السعودية على الاقتصاد الأزرق بصفته نهجا تنمويا يربط بين الاستفادة الاقتصادية من البحار والمسطحات المائية والحفاظ على استدامتها البيئية، وتراهن السعودية على هذا الخيار من أجل استثمار الموارد المائية، لتحقيق مكاسب عدة على غرار السياحة البيئية، وطاقة المياه من أجل الكهرباء، لدعم النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة، مع حماية النظم البيئية وضمان تنوعها.
وتشمل أنشطة هذا الاقتصاد مصايد الأسماك المستدامة وتربية الأحياء المائية، وتطوير السياحة البحرية، وتوليد الطاقة النظيفة من الرياح والأمواج، إضافة إلى النقل البحري، في حين تملك السعودية أكثر الشعاب المرجانية التي تعد مناسبة لهذا النوع من الاستثمار.
الاستراتيجية الوطنية
وفي ديسمبر 2024، أطلقت المملكة الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، التي تستهدف رفع نسبة المناطق البحرية والساحلية المحمية من 3% إلى 30%، وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 50%، وخلق آلاف الوظائف في القطاعات البحرية بحلول عام 2030، إضافة إلى تعزيز مساهمة الاقتصاد الأزرق في الناتج المحلي.
الساحل السعودي يحتضن ثامن أكبر مجتمع للشعاب المرجانية في العالم بمساحة 6,600 كيلومتر مربع، و204 كيلومترات مربعة من غابات المانغروف، فضلاً عن أكثر من 20 ثقبًا أزرق اكتُشفت عام 2022 في البحر الأحمر. إذ تدفع هذه الثروات المملكة لتسريع استثماراتها في السياحة المتجددة، والخدمات اللوجستية البحرية، والمشروعات البيئية الكبرى.
المبادرات النوعية
وتُعد مشاريع "أمالا" و"سندالة" في نيوم، ومدينة "أوكساغون" ومجمع الملك سلمان الدولي للصناعات والخدمات البحرية الذي يقع في منطقة رأس الخير (شرق السعودية)، من أبرز المبادرات النوعية التي تطورها السعودية لدعم الاقتصاد الأزرق، حيث تجمع بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة البيئية في السياحة والخدمات البحرية والصناعات المتقدمة.
كما التزمت السعودية بحماية 30% من مساحتها البرية والبحرية بحلول 2030، وساهمت في تأسيس مؤسسة CORDAP بتمويل أولي قدره 100 مليون دولار خلال رئاستها لمجموعة العشرين، بهدف تسريع وتيرة البحث والابتكار لحماية الشعاب المرجانية المهددة حول العالم، باعتبارها من الموارد الطبيعية الحيوية التي يعتمد عليها نحو مليار شخص في الحصول على الغذاء والدخل والدواء، إضافة إلى دورها في حماية السواحل. وعلى ساحل البحر الأحمر تعمل نيوم بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا "كاوست" على إنشاء أكبر حديقة مرجانية في العالم، إذ من المقرر اكتماله في العام الحالي.
وفي إطار التعاون الدولي، خطت المملكة بخطوة استباقية بإنشاء المنظمة العالمية للمياه، بهدف تعزيز التعاون الدولي في إدارة الموارد المائية، وتبادل الخبرات، وتطوير السياسات والحلول المستدامة لضمان أمن المياه عالميًا. ويأتي ذلك انسجامًا مع توجهها لقيادة المبادرات العالمية في مجالات البيئة والموارد الطبيعية، ودعم أهداف التنمية المستدامة.
تعليق