السعودية تجري 470 عملية زراعة خلايا جذعية في عام واحد
كشفت الدكتورة مريم بنت محمد العيسى، استشارية الوراثة الطبية والباحثة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، أن المملكة أجرت أكثر من 479 عملية زراعة خلايا جذعية خلال عام واحد فقط، بزيادة تجاوزت 30% عن العام السابق، في مؤشرٍ على تنامي قدرات المراكز الوطنية وارتفاع نسب النجاح في هذا المجال الحيوي.
ويأتي ذلك ضمن ما تخطوه السعودية بثبات نحو ريادة إقليمية في أبحاث الطب التجديدي والعلاجات المتقدمة بالخلايا الجذعية، ضمن مسارٍ طموح يتناغم مع مستهدفات رؤية 2030 لتوطين التقنيات الحيوية وتعزيز جودة الحياة.
ريادة سعودية تمتد لأربعة عقود
تعود أول عملية زراعة خلايا جذعية في المملكة إلى عام 1984، ومنذ ذلك الحين، حققت السعودية قفزات نوعية في علاج أمراض الدم الوراثية والسرطانية مثل الثلاسيميا، والأنيميا المنجلية، واللوكيميا، واللمفوما، والمايلوما، معتمدة على السجل السعودي للمتبرعين بالخلايا الجذعية وبنوك دم الحبل السري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية.
شبكة وطنية للمراكز والتجارب السريرية
وتضم المملكة اليوم شبكة واسعة من المراكز المتخصصة، أبرزها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومراكزه في الرياض وجدة والمدينة، ومدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية، ومستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، ومستشفى الحرس الوطني عبر مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية.
وتشارك هذه المراكز في تجارب سريرية معتمدة دوليًا عبر منصة ClinicalTrials.gov، وتخضع لإشراف هيئة الدواء والغذاء السعودية، لضمان أعلى معايير الأمان والشفافية في الأبحاث والعلاجات التجريبية.
47 ألف زراعة في أوروبا و23 ألفا في أميركا سنويًا
وعلى الصعيد العالمي، سجّلت أوروبا نحو 47,731 عملية زراعة خلايا جذعية، فيما تشهد الولايات المتحدة أكثر من 23 ألف عملية سنويًا (وفق تقارير EBMT وCIBMTR)، ما يضع السعودية في مسارٍ متقدم ضمن الدول التي تعتمد العلاج بالخلايا الجذعية كخيار أساسي للأمراض الوراثية.
وترى الدكتورة العيسى أن توطين تقنيات الخلايا الجذعية يمثل ركيزة للاقتصاد الصحي المستدام، إذ يسهم في تقليل النفقات العلاجية طويلة الأمد، ورفع كفاءة الكوادر الوطنية، وتحويل المعرفة إلى صناعات دوائية وطنية قائمة على الابتكار والتقنية الحيوية.
وأضافت أن الجامعات السعودية باتت تمثل منظومة متكاملة للبحث والتطبيق، إذ تحتضن مراكز متخصصة في الجينوم والطب التجديدي، مثل جامعة الفيصل ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، التي تنظم مؤتمرات دولية وتنقل المعرفة من المختبر إلى العيادة.
الرقابة والتنظيم يعززان الثقة
وتفرض هيئة الدواء والغذاء السعودية لوائح صارمة تميّز بين العلاجات المثبتة علميًا والتدخلات التجارية غير المرخصة، لضمان سلامة المرضى ومصداقية مقدمي الخدمة.
وحول الأبحاث المتعلقة بمكافحة الشيخوخة، أوضحت العيسى أن استخدام الخلايا الجذعية في هذا المجال ما زال ضمن نطاق التجارب المحدودة، محذّرة من التسويق العشوائي للعلاجات غير المثبتة علميًا.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية تبقى الحل الأمثل، مشيرة إلى أن المملكة تسير بخطى متقدمة نحو بناء اقتصاد صحي قائم على المعرفة والتقنية، يعزز جودة الحياة ويواكب طموحات رؤية 2030.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق