منذ نهاية التسعينات وحتى الوقت الحاضر تسارعت وتيرة تحسن العلاقات السعودية الصينية ثم تم تطويرها لتشمل جميع الجوانب الحيوية بينهما ، كما ازدادت على الصعيد ذاته الزيارات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين وجاءت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينج إلى الرياض لتؤكد متانة علاقات تمتد منذ قرابة 8 عقود بين البلدين .
وشهدت زيارة الرئيس الصيني التي استمرت ما بين السابع والتاسع من ديسمبر الجارى عقد ثلاث قمم (قمة سعودية - صينية)، وأخرى (خليجية - صينية) وثالثة (عربية - صينية) ووقع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني شي جينبينغ على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال استقبال الأخير في قصر اليمامة بالرياض في حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان .
وأكد البلدان في بيان ختامي مشترك عقب نهاية القمة السعودية الصينية على أهمية الشراكة الاستراتيجية وتعميق العلاقات بينهما ، كما أشاد البيان بتوقيع "خطة المواءمة" بين رؤية السعودية 2030 و"مبادرة الحزام والطريق" الصينية .
وانتقلت العلاقات السعودية الصينية إلى آفاق أرحب بعد زيارتين تاريخيتين أجراهما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى العاصمة بكين في عام 2016 وفي عام 2019 وقع خلالها الجانبان عدداً من اتفاقيات التفاهم والتعاون الاقتصادي في عدد من المجالات ولفت حينها ولي العهد السعودي إلى أن مبادرة طريق الحرير وتوجهات الصين الاستراتيجية تتلاقى بشكل كبير جداً مع رؤية السعودية 2030 ، مشدداً في الوقت نفسه على تحقيق كل المكاسب ومجابهة كل التحديات التي تواجه البلدين .
وتعد الصين إحدى أكبر الدول الصناعية المصدرة للسلع الاستهلاكية وتعد السعودية مستورداً مهماً لمثل هذه السلع كما أن الصين تحتاج لكميات استثنائية من النفط الخام والسعودية تلبي جزءاً كبيراً من هذه الاحتياجات المتنامية ومن ثم لعبت هذه المعادلة دوراً في جعل العلاقات التجارية بين البلدين منطلقاً أساسياً لما بعدها .
وتوجت زيارة الرئيس الصيني أيضاً بالاتفاق مع قادة الدول الخليجية والعربية على تعميق وتعزيز التعاون الشام ودفعه نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات، والتباحث مع القادة بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتأكيد على أهمية تضافر الجهود كافة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في جميع أنحاء العالم .
وأكد إعلان الرياض الذي صدر في ختام أعمال قمة الرياض العربية الصينية على إعادة التأكيد على التزام جميع الدول الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادتها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية واحترام مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
كما شدد الإعلان على العمل على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية والتأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية في الشرق الأوسط وهي التي تتطلب إيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .
واستناداً لتاريخ العلاقات السعودية الصينية فرغم قصر عمر وعدم اكتمال شكل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى وقت قريب فإن التعاون التجاري لعب دوراً مهماً في تأسيس العلاقات الشعبية بينهما قبل أن يأتي الدور على الجانبين الاقتصادي والثقافي اللذين سارا باطراد بين البلدين ليتوج ذلك بعلاقات دبلوماسية كاملة بين الرياض وبكين في صيف عام 1990 .
تعليق