أطفال بثلاث بصمات وراثية.. تقنية الميتوكوندريا تثير جدلًا علميًا
كشفت استشارية الوراثة الطبية والمستشارة في الابتكار، الدكتورة مريم العيسى، عن حقيقة ما يُتداول مؤخرًا بشأن ولادة أطفال يحملون ثلاثة أحماض أمينية في خلاياهم.
أكدت العيسى أن الخبر صحيح، ويعود إلى ما يُعرف بـ الطفل المصمم وراثيًا، والذي تم إنشاؤه باستخدام تقنية نقل الميتوكوندريا (Mitochondrial Replacement Therapy – MRT)، تقول: "يتم نقل نواة بويضة الأم المصابة إلى بويضة متبرعة من أم سليمة أُزيلت نواتها، لتحتوي البويضة الحاضنة على الميتوكوندريا السليمة. ثم تُلقّح هذه البويضة بحيوان منوي من الأب، فيحمل الطفل حمضه النووي من ثلاثة مصادر: 99.8% من الأم والأب، و0.2% من الأم المتبرعة".
وقاية من أمراض وراثية معقدة
وتوضح العيسى أن الهدف من استخدام هذه التقنية هو الوقاية من الأمراض الوراثية المرتبطة بالميتوكوندريا، مثل أمراض الأعصاب، والعضلات، وبعض الأمراض الاستقلابية.
وتضيف: "هذه الأمراض تنتقل فقط عن طريق الأم، ولتفاديها يتم استخدام بويضة حاضنة من متبرعة سليمة لتجنب توريث هذه الاعتلالات".
تطبيقات هذه التقنية في السعودية، تؤكد العيسى أن الجهات الصحية والبحثية تسعى لاستقطاب كل جديد كجزء من استراتيجيات المملكة للقطاع الصحي والبحثي ضمن رؤية 2030.
تقول: "تتنافس الجهات الحكومية والقطاعات البحثية لتوطين وتطوير واستقطاب مثل هذه التقنيات، والتي تقع ضمن مجالات الأبحاث وبعض التطبيقات السريرية، خاصة لأمراض تتطلب علاجات جينية متوفرة ومصرح بها من هيئة الغذاء والدواء".
نتائج ناجحة في بريطانيا وترخيص محدود
وتشير العيسى إلى أنه تم الإعلان عن ولادة ثمانية أطفال أصحاء في المملكة المتحدة باستخدام هذه التقنية، وجميعهم لم تظهر عليهم أعراض مرضية حتى الآن، وتؤكد أن هذه الممارسة مرخّصة في بريطانيا وتُستخدم في حالات محددة فقط، بعد الحصول على موافقة من هيئة الإخصاب والأجنة البشرية (Human Fertilisation and Embryology Authority - HFEA)، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم عمليات التلقيح الصناعي واستخدام الأجنة.
كما تكشف العيسى أن هناك نحو 35 امرأة مرخصًا لهن في بريطانيا بانتظار هذا الإجراء للحصول على أطفال خالين من الأمراض الوراثية.
الفرق بين نقل الميتوكوندريا وتقنية كريسبر.
وتوضح العيسى أن تقنية نقل الميتوكوندريا لا تُعد تعديلًا جينيًا بالمعنى التقليدي، لأنها لا تمس نواة الأم، بل تستبدل فقط الميتوكوندريا. لكنها مع ذلك تثير جدلًا أخلاقيًا، كونها تغيرا في خلايا المنشأ.
وفي المقابل، تشير إلى أن تقنية كريسبر (CRISPR) تعتمد على جراحات دقيقة لتعديل بعض الطفرات المسببة للأمراض، وتُستخدم بشكل واسع حاليًا في علاج أمراض مثل الثلاسيميا والخلايا المنجلية، مع استمرار الأبحاث في أمراض أخرى.
إنجاز علمي ياباني: إزالة كروموسوم متلازمة داون
وفي تطور علمي جديد، قالت العيسى إنه تم الإعلان مؤخرًا عن دراسة تاريخية في اليابان بقيادة الدكتور ريوتارو هاشيزومي، حيث تمكن وفريقه من إزالة النسخة الزائدة من كروموسوم 21 المسؤول عن متلازمة داون.
وتشرح: "عادةً يحمل الإنسان الطبيعي زوجًا من كل كروموسوم، لكن في حال وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21 تظهر أعراض متلازمة داون. وتمكن الفريق من استعادة وظيفة 30% من الخلايا البشرية بعد إزالة الكروموسوم الزائد باستخدام كريسبر".
وتؤكد أن هذا الإنجاز يمثل قفزة نوعية في الطب الدقيق، كونه أول إثبات علمي لإمكانية إزالة كروموسوم بشري كامل. ومع ذلك، لا يزال البحث في طور المختبر ولم يصل إلى التطبيق السريري على البشر.
تعليق