أردوغان سيجد نفسه أمام امتحان هو الأصعب لسياسته الخارجية فهو لا يستطيع الانفكاك عن الغرب لأسباب استراتيجية وعسكرية وتنظيمية واقتصادية كثيرة ، كما أنه يدرك جيدا أن ثمن العودة إلى الدور الوظيفي للأطلسي في مواجهة روسيا سيكون مكلفا كثيرا له ، فاللعب مع القيصر في ساحات مثل القوقاز وإرسال المزتزقة للقتال هناك لن يمر مرور الكرام ، وما القصف الروسي الأخير لتجمع كبير لفيلق الشام الذي يعد الجناح العسكري للإخوان المسلمين في سوريا إلا رسالة روسية مباشرة لأردوغان .
الإدارة الأمريكية لن تقبل في المرحلة المقبلة باستمرار أردوغان في سياسته القديمة فالمطلوب منه أمريكيا انتهاج سياسة تتوافق مع الاستراتيجية الأمريكية تجاه تركيا ، ولعل هذه السياسة الأمريكية الجديدة ستكلف أردوغان أثمانا باهظة لطالما أنها ستشكل ضربة قوية لتقاربه مع روسيا بوتين .
الرئيس الروسي لن يتأخر الأخير في تلقين أردوغان دروسا قاسية لاسيما في سوريا والقوقاز وليبيا حيث يحاول أردوغان التنافس على هذه المناطق مع روسيا والتأثير على دورها سواء لأسباب خاصة تتعلق بمشروعه الإقليمي التوسعي أو في إطار إرسال رسائل للإدارة الأمريكية بأنه مستعد للقيام بأدوار في مواجهة النفوذ الروسي .
تصريحات أردوغان ضد الدور الروسي في أوكرانيا وإعلان دعمه المفتوح للأخيرة خلال لقائه بالرئيس الأوكراني ما هي إلا تعبير عن نية لديه باستعداده للاستجابة لمقتضيات السياسة التي ستنتجهها الإدارة الأمريكية الجديدة وإصراره على التقرب إلى القيادة المصرية ما هى إلا تأكيد على استعداده لتجميد دعمه للإخوان إذا وافقت القيادة المصرية على الدخول معه في تفاهمات بشأن المتوسط وسوريا وليبيا .
سياسة أردوغان الحالية ليس إلا تعبيرا عن أزمة السياسة التركية التي أغرقها أردوغان في تناقضات وأزمات ومشكلات لا تنتهي وليست سوى مناورة سياسية للحد من الأعباء الناتجة عنها ولكن هذه السياسة إلى طريق مسدود في كل الاتجاهات .
تعليق