مشروع القانون الجديد سيفرض مزيدا من سيطرة السلطة الحاكمة على المنظمات وكامل المجتمع المدني التركي خصوصا تلك المنظمات التي تتوافق توجهاتها مع استراتيجية الحزبين الحاكمين، بالذات الناشطة منها في مجالات حقوق الإنسان والبيئة والحريات العامة والطلبة والثقافة .
ويعتبر أخطر ما في بنود مشروع القانون هو منح الأجهزة الأمنية التركية الاطلاع التام على كافة الوثائق والسجلات والحسابات البنكية لأية منظمة مدنية حتى دون قرار اتهامي من القضاء، لكن فقط لمجرد الشبهة.
هذا الأمر يعني عمليا بأن الحزب الحاكم وعبر أذرعه في الأجهزة الأمنية سيكون مطلعا على كافة العلاقات ضمن عالم المجتمع المدني التركي وبالتالى ستكون هذه المنظمات دون استقلالية وحرية .
بالإضافة الى ذلك فإن مشروع القانون يخول وزارة الداخلية وضع مشرف على المنظمة المتهمة وليس وصيا الأمر الذي يعني بالتبعية إمكانية تصرف المشرف بأصول وسياسات المنظمة .
ومشروع القانون الذي بدأت تتداوله الأوساط السياسية والمدنية التركية يلاقي رفضا شاملا من قِبل قوى المعارضة التركية واتحادات المنظمات المدنية التركية إلى جانب الملاحظات الجوهرية التي تبديها المنظمات المدنية الدولية .
جمعيات ومنظمات المجتمع المدني التركية والدولية التي بدأت بإصدار تقاريرها السنوية اعتبارا من أواسط هذا الشهر أشارت إلى أن العام الحالي كان "الأسوأ" على الإطلاق في مجال الحريات المدنية في تركيا ، وأوردت تلك المنظمات قضية الناشط المدني عثمان كافالا كنموذج لنوايا وسلوكيات السلطة الحاكمة تجاه القوى المدنية .
فكافالا بقي لسنوات متهما بإثارة الاحتجاجات البيئية التي اندلعت عقب قرار الحكومة التركية الاستيلاء على "حديقة جيزي" وسط مدينة اسطنبول وبعد سنوات من المحاكمة نال كافالا البراءة من التهم الموجهة له لكن السلطة عادت لاعتقاله مرة أخرى في شهر فبراير من هذا العام مختلقة تهمة جديدة له بمزاعم تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف العام 2016 بالرغم من تحذيرات المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان التي اعتبرت الاعتقال قد تم لأغراض سياسية وغير قانونية .
تعليق