بعد دخوله البيت الأبيض أعلن الرئيس جو بايدن في 28 يناير عن تغيير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتضمن مراجعة للدعم العسكري واستئناف الحوار مع إيران معتبراً أن هذا يشمل مدخلاً لمحاولة التوصل إلى حل سريع للأزمة النووية المتفاقمة مع طهران عبر إبداء المزيد من حسن النية .
النظام الإيراني قابل المبادرة الأمريكية بالتصعيد إلى درجة بدت كأنه تريد تركيع الولايات المتحدة، وإعادتها إلى إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما عام 2015 والذي ألغاه دونالد ترمب عام 2018 .
واصلت ايران سياسة التصعيد والتحديات على أكثر من صعيد والتى شملت زيادة نسبة التخصيب النووي، والحد من عمليات التفتيش التي تقوم بها بعثة الوكالة الدولية للطاقة النووية وتصعيد النشاط الصاروخي الباليستي ، والأخطر من كل هذا رفع وتيرة التخريب والتعديات الإقليمية التي استهدفت الأميركيين في سفارتهم في بغداد وفي قاعدة البلد وكذلك في القصف على أربيل .
وفي موازاة ذلك صعدت إيران من عمليات العدوان على المملكة العربية السعودية عبر الحوثيين الذين ليسوا عملياً أكثر من واجهة لإيران ، وهكذا لم تكد الإدارة الأميركية ترفع المنظومة الحوثية عن لائحة الإرهاب وتعلن عن جهود ستبذلها الولايات المتحدة والدول الأوروبية لحل الأزمة اليمنية في محاولة لإظهار حسن النية ربما حتى ضاعفت إيران من تعدياتها بالصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت السعودية ورافقتها تهديدات باستهداف دول الخليج .
في 11 فبراير الماضي أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن عن اعتداء وصفه بأنه جريمة حرب نفذتها الميليشيات الحوثية التي تديرها طهران عندما استهدفت مطار أبها الدولي بطائرة مسيرة لكن المؤشر الأعمق أن إيران تعمدت أن يتم القصف بالتزامن مع وصول المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج إلى الرياض .
الرئيس بايدن حاول عبر رفع الحوثيين عن لائحة الإرهاب أن يبعث برسالة تهدئة إلى النظام الإيراني الذي ينخرط في التصعيد لكن هذا لا يلغي حقيقة أن الحوثيين مجرد ميليشيات تديرها ايران .
لقد جرب سبعة رؤساء أميركيين منذ كارتر حتى ترامب أساليب مختلفة في إدارة الأزمات مع إيران ولم تنصت إلا إلى القوة ، فإن كانت الإدارة الأميركية الحالية تريد إحياء التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران والتفاوض في اليمن ومنع انهيار النظام في بغداد ، فهي لن تستطيع تحقيق شيء من ذلك من دون استعراض قوتها .
تعليق