بعد أن ظلت إيران تعمل طوال السنوات الماضية على إنكار أي دور لها في اليمن صارت مؤخراً تظهر سيطرتها على قرار ميليشيا الحوثى وتوجيه وإدارة حروبها الانقلابية ومواقفها الرافضة لكل مبادرات السلام الوطنية والإقليمية والدولية وإفشال جهود وتحركات مبعوث الإدارة الأميركية الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ وعرقلة مساعي المبعوث الأممي مارتن غريفيث .
وفى ظل التغلغل الإيرانى فى اليمن لم يكن من المفاجئ رد الحوثيين على إقتراح وقف النار الذى تقدمت به السعودية مؤخرا عبر تكثيف هجماتهم ضد الأهداف المدنية فبطبيعة الحال يميل الحوثيون إلى تبنى نهج النظام الإيرانى الذى يحركهم كالدمى ، هذا النظام الذى اعتاد على إساءة فهم بوادر حسن النية والمحاولات الصادقة لتحقيق المصالحة على أنها مظاهر ضعف .
وفى وقت يعانى فيه اليمنيون من انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء البلاد التي تهدد حياة الآلاف من المدنيين في أغلب المحافظات التي سيطرت عليها ميلشيات الحوثى جاء المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن "مسام" ليعلن أنه نزع خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس الماضي ألفين و277 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة .
وفى الوقت الذى يخفف فيه المجتمع الدولي من حدة مواقفه تجاه الحوثيين يعزز الحوثيون من قوتهم بوجهه عبر استهداف البنى التحتية الحيوية لإمدادات الطاقة العالمية بما فى ذلك مصفاة للنفط فى الرياض ومستودع لتخزين الوقود فى جدة وأكبر محطة لتصدير النفط فى العالم فى رأس تنورة .
لم يتم اختيار هذه الأهداف بالصدفة فاستهدافها يخدم مصالح الداعم الأساسى لجماعة الحوثى، أى إيران ، إذ تأمل طهران فى زيادة منسوب القلق الدولى على إمدادات الطاقة في هذا الأوقات العصيبة التى يعيشها الاقتصاد العالمى مما من شأنه أن يمنحها أفضلية أكبر فى أى مفاوضات مستقبليّة حول برنامجها النووى .
وأخيرا فقد بات من الضرورى أن تتحالف الجهود الدولية لإحتواء طموحات إيران التوسعية وأيديولوجيتها الاستعلائية ، فمن شأن أى دولة راعية للإرهاب لديها طموحات نووية أن تذهب تهديداتها فيما هو أبعد من المخاوف المباشرة للبلدان المجاورة .
والحقيقة تكمن في أننا لا نستطيع تحقيق السلام إلا إذا ما حافظ المجتمع الدولى على نهج متسق ومتماسك ، فممارسة ضغوطات دولية مشتركة على إيران وعملائها ستأتى بنتائج إيجابية .
تعليق