يبدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة رسمية إلى السعودية للمرة الأولى منذ توليه السلطة مطلع 2021 حيث تبدأ الزيارة يوم الجمعة 15 يوليو وتستمر حتى السبت 17 يوليو الجاري بدعوة من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز .
وتأتى الزيارة تعزيزا للعلاقات الثنائية التاريخية والشراكة الإستراتيجية المتميزة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة ويلتقي بايدن خلال الزيارة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم .
ويتضمن جدول الزيارة في يومها الثاني حضور بايدن قمة مشتركة دعا إليها الملك سلمان مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي .
وكان الرئيس الأمريكي قد كتب مقالا قبل زيارته إلى السعودية قال فيه : "اليوم ساعدت السعودية في استعادة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست ودعمت الهدنة في اليمن بشكل كامل ونعمل الآن للمساعدة في استقرار أسواق النفط مع منتجي أوبك الآخرين " ، وأضاف : " سيكون هدفي تعزيز شراكة إستراتيجية للمضي قدما ونستند إلى المصالح والمسؤوليات المشتركة مع التمسك أيضا بالقيم الأمريكية الأساسية ".
ويرى محللون أن الرئيس الأمريكي أدرك بشكل واقعي أن الوقت قد حان لفك الجمود في العلاقات السعودية الأمريكية حيث لم تكن العلاقات بين البلدين جيدة منذ اليوم الأول لوصول بايدن إلى البيت الأبيض ، كما أن زيارة الرئيس بايدن إلى السعودية وقمته المرتقبة في جدة تأتي في مصلحة الولايات المتحدة على المديين المتوسط والإستراتيجي وأضافوا أن المنطقة أصبحت أكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية لأمريكا والغرب مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت شهرها الخامس وفشل المفاوضات النووية مع إيران .
وتؤكد التحليلات أن الولايات المتحدة تحتاج إلى مساعدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بقدر حاجة البلدين إلى دعمها ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي فإن خفض مستويات التضخم وأسعار الغاز يعدان على رأس أولويات الرئيس الأمريكى وفي حال فشل زيارته في تحقيق ذلك فهذا يعني سيطرة الجمهوريين على الكونجرس في انتخابات التجديد يليها خروج الديمقراطيين من البيت الأبيض في 2024 .
كما يمكن أن يلعب كلا البلدين العربيين دوراً استراتيجياً في التخفيف من حدة الصراعات الحالية التي تشمل أميركا وأوروبا وروسيا والصين وخاصة أن كلاً من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد يتمتعان بعلاقات جيدة ومؤثرة مع كل من روسيا عبر عضويتها في "أوبك بلس" والصين من خلال مبادرة الحزام والطريق التي من أجلها تعمل بكين على الحفاظ على علاقات ممتازة مع شركائها في الشرق الأوسط غير أن الزعيمين العربيين سيفضلان البقاء على الحياد إذا لم يلمسا التزاماً أميركياً جاداً بأمنهما ومصالحهما .
ورغم ما يبدو من تباين في وجهات النظر بين الطرفين فإن نقاط الاتفاق بين واشنطن والرياض تفوق القضايا الخلافية بينهما إذ تحتاج الدولتان إلى دعم بعضهما بعضاً بالقدر نفسه من أجل وضع أساس جديد للعمل العربي الهادف لحل القضايا المعقدة والمتعددة الأوجه في الشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي أيضاً وحين يتحقق ذلك فسيسجل التاريخ أن الشراكة المتجددة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ساعدت العالم على تجنب ويلات حرب عالمية جديدة، وحفظت أرواح ملايين البشر .
وقد أطلقت المملكة العربية السعودية تحت قيادة ولي العهد رؤية 2030 كإطار استراتيجي للحد من اعتماد المملكة على النفط وتنويع اقتصادها وتطوير قطاعات الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة ومثلما تدرك المملكة مدى أهمية الدعم الأميركي لنجاح رؤية 2030 فإنه من الأهمية بمكان أن تدرك الولايات المتحدة الفرص التي توفرها هذه المبادرة لعلاقة طويلة ومستقرة مع المملكة .
تعليق